السبت، 30 أكتوبر 2010

الصّخرة 2


في الأمس زرت يافا، وعشقت يافا، وعرفت سبب اختلاف الكتّاب والمؤرخين حول وصف يافا: لأنها يافا. وقد حدّثتني الكثير يافا، حدّثتني أن الشّيخ مونّس ليس اسم حارة يستعملها ذلك الطالب الفلسطيني أو ذاك للرد على صهيوني يدّعي أنه صاحب البلاد في جامعة تل أبيب، بل هي أكثر من ذلك، هي ذلك الحقد و الغرور الذي يعتري جسد نديمي في التّدخين، هي ذلك التاريخ الخالد والتاريخ المنسيى من قصص حبّ، وتعاركات بالأيدي وزنى بالخفية..

عرفت الان فيما يفكّر نديمي في التّدخين الذي قررت من الان أن أسميه بوريس، عرفت أنه يفكر في صخرة أخرى في مولدوفا أو أوكرانيا - ربما تعلو قممها بعض فساتين الثّلج - وأنه يفكّر بأن هذه البنيان ليست له، وأن تحت هذه العمارات الشاهقة جثث ترفض أن تموت.
عرفت بأن بوريس من يغار مني لا العكس، لأنني صاحب هذه الأرض، ولأني أعرف أن لجدي ذكريات هنا في مكان ما ورثتها برباط يفوق الحمض النووي دقّة ويقينا. وأنه عندما ينظر الى الأمام، الى العمارات الشاهقة وينفض بدخان السيجارة، لا يتذكّر شيئا من تراب هذه البلاد، ولا يتذكّره التراب..

الموضوع السابق في السلسة :

Share/Bookmark

الأربعاء، 20 أكتوبر 2010

6 حقائق حول إم وليد

1. إم وليد تحبّ أن تطبخ المجدّرة لأحفادها، وذلك ليس لأنها تتقنها فقط، وتتواضع عادة بقولها أنها لا تبذل كامل جهدها بطبخها، بل لأنها تحبّ أن ترى أحفادها يزورونها ولو كانت تلك الزّيارة لمصلحة شخصيّة تُختصر بصحن منقوش بزخرفات عثمانيّة الأصل.
2. إم وليد (بالهمزة السفلى) تدخّن السجائر سرّا، ما اعتبره ماضيها يوما خطيئة، وكانت هي علقت في إهانات الماضي التي باتت طبيعيّة.
3. إم وليد تحبّ أحفادها حبّا جمّا، وتحزن لعدم زيارتهم لها بنهاية الأسبوع أو بعد المدرسة ليشربوا القهوة التي كانت صنعتها بيدها، والتي تفوق النخلة، أو أبو سلمى بمذاقها الأسمر.
4. إم وليد تحبّ صنع التّبولة شرط أن تقطّع البقدونس إحدى بناتها الخمس، وتخلطه مع البرغل بنت أخرى، وما تصنع هي الا تقديم الطبق بصيغة النهائية، حيث تعرف أن بناتها يتقنون التّبولة أكثر منها.
6. إم وليد اكتشفت، وبعد عمر طويل، أن حلمها لن يموت مع زواج أبنائها أو تخرّجهم بشاهدات عليا لأنها تحبّ أحفادها أكثر منهم.

والحقيقة الخامسة كانت ضاعت بين الإبرة والخيوط التي تستعملها إم وليد لتخييط ثياب منافسة كاسترو ورينوار بجودتها...

ملاحظة الكاتب: عذرا، فلم أجد صورة تصف إم وليد... مع أنني عادة أضيف صورة تصف الموضوع في مدوّنتي

Share/Bookmark

الأحد، 10 أكتوبر 2010

رضى الضّحية


أهم الأسباب التي تجعل الرّجل والمرأة العرب يستمتعون في امتزاجاتهم العاطفيّة منها والجنسية - وهو ذات السبب الذي يجعل نسبة الطّلاق في مجتمعنا أقل من المجتمعات الغربيّة - كون المرأة العربية تحب دائما لعب دور الضّحية، وحتى لو لم تكن كذلك، تحبّ دائما أن تشعر بالإستياء لمعاملة الرّجل القاسية لها، وبتخليه عنها بأصعب لحظات حياتها، وإن لم يفعل كذلك تخترع قصّة من ايحاء خيالها، لتخبرها لصديقاتها عندما يجلسون لشرب "الهافوخ" في هذا المطعم أو ذاك، والأصعب من ذلك كلّه هو أن الرجل الذي يقدّر المرأة ويعاملها باحترام في مجتمعنا في معظم الأحيان مصيره الفشل، فالمرأة العربية لا تريد رجلا يقدّرها، بل تريد رجلا ظالما يسحقها.
أما الرجل الشرقي، فتراه يحبّ أن يسيطر ويتحكّم ولكن متعته الأساسية تكمن في الظّلم، فكم يحبّ الرجل الشرقي ظلم المرأة، وحتى لو لم يكن كذلك، فعندما يجلس لشرب الجعة في إحدى المقاهي مع أصدقائه يحادثهم كيف استعرض رجولته المفتولة أمام امرأته (مع هاء الملكيّة)، كي لا تنتقص رجولته أمام أصدقائه.
وبسبب هذا المبنى التّركيبي للمجتمع العربي، وتناسب دور الضحّية لدى الأنثى مع دور المغتصب لدى الرّجل نستطيع تفسير العديد من الظواهر وتنبّؤ ظواهر أخرى كما فعل جميع الفلاسفة والعلماء، فنسطتيع تفسير الأغلبية الساحقة للنساء اللواتي لا يعملن وبإرادتهم، نستطيع تفسير تدخّل الشاب بما تلبس صديقته، نسطتيع تفسير كون بانيت الموقع العربي الأكثر شعبية في البلاد بدلا من أن يكون قديتا هو الأول.
والأهم من ذلك، أننا نستطيع أن نتنبأ بأمل معدوم أنه في مرحلة معيّنة، سيتوازن الميزان كما فعل سابقا في ثورات من نوع اخر.

Share/Bookmark