مطر أيّار يأتيك مفاجئا - يا رفيق - دون سابق إنذار، لا سواد الغيوم يحذّرك ولا الضباب. في أيّار تمطر وحسب. هكذا حياة "الأعرج" بطل قصّتنا، كلّها مفاجئات.
إذا زرتم يافا صدفة، وصعدتم بذلك الشّارع الصغيرمقابل برج السّاعة قاصدين المسرح من طريق "الجامع الكبير" ستفاجؤون بحميميّة غريبة كما تفاجأ "الأعرج" أوّل مرّة زار البلدة القديمة. سترون بيئة تختلف تماما عن المشهد الصّاخب في تل أبيب: أحجار قديمة للبنيان ومصانع الصّابون، أشجار جليليّة وعصافير تغزو عواميد الكهرباء. وإن قررتم صدفة أن تتوغّلوا أكثر الى الأزقّة الضّيقة حتما ستمرّون بجانب جامع اخر يشمخ أمام البحر وبعض الأديرة المسيحية هنا وهناك تجعلكم تبنون فقاعات لماضي يتقاسم فيه المسلم والمسيحيّ قسوة الحياة معا بعيدا عن طائفيّة اليوم.
كلّ الأزقّة هناك تطلّ على شارع الميناء، حيث كانت تختبئ سفن الصّيادين بينه وبين كاسر الأمواج. من الصّعب أن تتعرف على ما تبقّى من ذكريات في الميناء تحديدا فقد تمّ محو معظمها بالمطاعم والمقاهي وقوارب اليهود الأغنياء. قال لي أبو جورج بحسرة يوما - وهو صيّاد يافيّ قديم ترك الصّيد منذ زمن طويل : "في الماضي يا بني، كانت القوارب من خشب والصّياديون من حديد، أما اليوم فالقوارب من حديد والصّيادون من خشب". أبو جورج تحدّى المحيط بقاربه الخشبيّ واعتزل الصّيد عندما أعطوه القارب الحديدي وأخذوا منه الميناء والسّمك.
وقف الأعرج أعلى تلّة يافا القديمة، ينظر الى الى قوّات الشرطة تنزل من سيّاراتها مدجّجة بأسلحتها السّوداء. هذه المرّة لن يتراجع، فقد اتفق ورفاقه على التّصعيد. تذكّر طارق بن زياد عندما كان هو الاخر من الجهة الأخرى للبحر وحرق السّفن. وقف "الصّغير" - كان قصير القامة لحيته حمراء غير مكتملة - مخاطبا الشباب والفتيات في ساحة المسرح: "يا رفاق، يا رفيقات - سكتنا كثير. إجا الوقت نفرجيهن إنو يا إحنا يا هنّي هون. بالنّاصرة ولّعت، بإم الفحم والمثلث ولّعت، حيفا، عكّا، سخنين وكل فلسطين.. واليوم بدنا نولّعها بيافا !!". قاطعه يونس - كان يونس أكبرهم سنّا: شابّ يافي أسمر أصلع ضخم ورشيق: "ولا شوي شوي - خلينا نحسبها بعقل ومش عالطحمسه - هون عند السّرايا إحنا أعلى منهن، وهاي الأفضلية ممنوع نخسرها. في معنا عجال، خلي شبّين يولعوا عجال ويحطوا حجار عشان نسكّر الشوارع وما يجولنا بالسيارات - شارع ييفت ما تهحكلوا همّه الشباب اللي فوق هني بسكروه.. مين ييجي معي ؟".
إذا زرتم يافا صدفة، وصعدتم بذلك الشّارع الصغيرمقابل برج السّاعة قاصدين المسرح من طريق "الجامع الكبير" ستفاجؤون بحميميّة غريبة كما تفاجأ "الأعرج" أوّل مرّة زار البلدة القديمة. سترون بيئة تختلف تماما عن المشهد الصّاخب في تل أبيب: أحجار قديمة للبنيان ومصانع الصّابون، أشجار جليليّة وعصافير تغزو عواميد الكهرباء. وإن قررتم صدفة أن تتوغّلوا أكثر الى الأزقّة الضّيقة حتما ستمرّون بجانب جامع اخر يشمخ أمام البحر وبعض الأديرة المسيحية هنا وهناك تجعلكم تبنون فقاعات لماضي يتقاسم فيه المسلم والمسيحيّ قسوة الحياة معا بعيدا عن طائفيّة اليوم.
كلّ الأزقّة هناك تطلّ على شارع الميناء، حيث كانت تختبئ سفن الصّيادين بينه وبين كاسر الأمواج. من الصّعب أن تتعرف على ما تبقّى من ذكريات في الميناء تحديدا فقد تمّ محو معظمها بالمطاعم والمقاهي وقوارب اليهود الأغنياء. قال لي أبو جورج بحسرة يوما - وهو صيّاد يافيّ قديم ترك الصّيد منذ زمن طويل : "في الماضي يا بني، كانت القوارب من خشب والصّياديون من حديد، أما اليوم فالقوارب من حديد والصّيادون من خشب". أبو جورج تحدّى المحيط بقاربه الخشبيّ واعتزل الصّيد عندما أعطوه القارب الحديدي وأخذوا منه الميناء والسّمك.
وقف الأعرج أعلى تلّة يافا القديمة، ينظر الى الى قوّات الشرطة تنزل من سيّاراتها مدجّجة بأسلحتها السّوداء. هذه المرّة لن يتراجع، فقد اتفق ورفاقه على التّصعيد. تذكّر طارق بن زياد عندما كان هو الاخر من الجهة الأخرى للبحر وحرق السّفن. وقف "الصّغير" - كان قصير القامة لحيته حمراء غير مكتملة - مخاطبا الشباب والفتيات في ساحة المسرح: "يا رفاق، يا رفيقات - سكتنا كثير. إجا الوقت نفرجيهن إنو يا إحنا يا هنّي هون. بالنّاصرة ولّعت، بإم الفحم والمثلث ولّعت، حيفا، عكّا، سخنين وكل فلسطين.. واليوم بدنا نولّعها بيافا !!". قاطعه يونس - كان يونس أكبرهم سنّا: شابّ يافي أسمر أصلع ضخم ورشيق: "ولا شوي شوي - خلينا نحسبها بعقل ومش عالطحمسه - هون عند السّرايا إحنا أعلى منهن، وهاي الأفضلية ممنوع نخسرها. في معنا عجال، خلي شبّين يولعوا عجال ويحطوا حجار عشان نسكّر الشوارع وما يجولنا بالسيارات - شارع ييفت ما تهحكلوا همّه الشباب اللي فوق هني بسكروه.. مين ييجي معي ؟".
البقيّة قد تأتي...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق