أفرش أسناني في اللامكان بزجاجة من الماء السّاخن السّاكن وأبصق تدريجيا كلّ الخوف الذي ولد معي قبل اثنين وعشرين عاما.
***
نصف بتر من الحليب يوميّا يكفينا لنركّز بنغمات فيروز،أو لنناقش نقاشات فارغة لمصارعة الوقت الذّي يمشي ببطئ شديد في الصّباح. تتلاعب الشّمس معنا، فننقل الفراش لمكان أكثر ظلّا، ونشرب جرعة أخرى من الماء كما أوصتنا لينا.
***
"صحّة مهنّد تحسّنت اليوم"، قالت إحدى الرفيقات، إنه يتكلم أكثر ويسرح أقل. أحبّ اجتماعتنا حول مهنّد ليلا وقصصه عن الأسر، عن رفضهم للموت. أفكر لوهلة أن الأسر أكثر حريّة من الخارج، حرّ في التفكير، حرّ من الخوف، حرّ من الجديد.. ألسنا نعيش هنا في الخارج في أسر من نوع اخر؟
***
لا أشعر شخصيا بموقف الجوع ولكني أعاني عندما تصلنا أخبارا جديدة من سميح حول أسير اخر دخل في غيبوبة جديدة. ما الذي يحلم به الأسرى في غيبوباتهم الطويلة ؟
بأهاليهم الذين منعوا من زيارتهم ؟ أم بجيش صغير ومتواضع يحمل أسلحة متواضعة أيضا يكسر أقفال السحن ليحررهم ؟
اسف يا أبطالنا فأنا لا أملك الجرأة الكافية لأحمل سلاحا وأحرركم من سجنكم، اسف لأنني اكتفيت بالإضراب. اسف لأنني قررت الإضراب معكم الان وليس قبل ثلاثة وستين عاما مريرا.
***
ما الذي يخبأه لي هذا الإضراب الذي يعيد بنائي من جديد كلّ يوم ليعيد لي الثقة بأن فلسطين ليست بالبعيدة كما قالوا..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق