عندما ينام الضّجيج ينهمك كلَ منا – المضربين – بأموره، ونفترق مكتفين بوحدة أمعانئنا الخاوية. وفي الألمانية، بيوت طرّزها الألمان، وجموع من الأجانب تصوّرنا لما في مظهرنا من بؤس، فتضامنهم بالتصوير يمنحهم شعورا بالطمأنينة، بأن عالمهم مازال على ما يرام ليحمدوا الهتهم على مصائبهم الغربية. أمّا نحن، فبؤسنا، هو الذي يحرّكنا بأمل لأن نستمر حتى نقطع سوط سجّاننا.
***
لست متفائلا اليوم، يراودني شعور سيّء حول أوضاع الأسرى، صرت أجتذر الأمل من البؤس بدلا من قلب الأدوار، أرى رفاقي يتجاهلون الإرهاق ليعزّزوا من معنوياتنا، أرى الظّل يهرب منّا بوتيرة أسرع من أمس.
أعرف مزاجي جيّدا، بعد ساعات قليلة، سأعود لأتفائل، فما زالت قوّتي تستطيع أن تجرّني لعدة أيام أخرى قبل فقدان الوعي، أثق وأعرف أننا لن ننكسر، فإصرارنا يتغذّى من كل يوم نضرب فيه، وأيام اضراب الأسرى تمشي بوتيرة أسرع بكثير من الظّل.
***
إن إضرابنا بُصنع من مجمل تلك اللحظات التي نعيش معا في بيتنا الجديد. إنّ إضرابنا يصنع ممن لم يضرب ويبيت معنا، إن إضرابنا يصنع من غسّان الصغير الذي يركض مذكّرا ايانا بالعالم الذي نريد، العالم الذي نضرب من أجله.
أرفض ألّا أعيش تلك اللحظات - أرفض الّا أضحك، والّا أعزف مقامات الفرح، والّا أسخر من الإضراب – فلولا هذه اللحظات لما كان معنى لإضرابنا، لما كان معنى للتحرير أصلا.
***
أحن الى خبز أمّي. سأنهي تدوينتي بهذا الحنين. نقطة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق