بعد أربعة أيام (من اليوم الأحد 14/09/2014) سيتم التصويت على استفتاء إستقلال اسكوتلندا عن بريطانيا. نظرا لتخاذل القنوات الإعلامية التي تكاد لا تغطّي الموضوع بسبب الهيمنة الغربية على بعضها، والهيمنة القومية العربية والإسلامية العمياء على بعضها الاخر نادني الحس الأمّمي لأكتب عن الموضوع وأسلّط عليه ولو القليل من الأضواء في محيطنا العربي.
بعكس الإعتقاد السّائد فإن اسكوتلندا ليست دولة مستقلّة وهي تابعه بشكل أو اخر ولظروف تاريخيّة لهيمنة الدولة الإنجليزية. في الصّحف يسمّون يعرفّون العلاقة البريطانية السكوتلندية ب "الإتحاد" (unity) ولكن إن اتخذنا مجمل الظروف التاريخية، موازين القوى وأسس التعامل بين البلدين نقطة إرتكاز لبحثنا لتجلّى لنا بوضوح إستعمار إقتصادي، إجتماعي ثقافي على معظم فنايا الحياة في اسكوتلندا.
هناك ثمانية شروط متعارف عليها على الدولة أن تستوفيها كي تدخل حيّز الإستقلال، إن اسكوتلندا تكاد لا تستوف جميعها وذلك بالأساس نظرا للإستعمار البريطاني في أراضيها.سنعرض هنا الشّروط الثمانية باختصار.
1. هل لاسكوتلندا مساحة كافية وحدود معرّفة ؟
تمتد اسكوتلندا على مساحة 78133 كيلومترا مرّبعا، وحدودها معرّفة واضحة.
2. هل تعيش هناك مجموعة سكّانية تاريخية بشكل استمراري ؟
يعيش في اسكوتلندا أكثر من خمسة ملايين من السّكان التاريخيّين.
3. هل لاسكوتلندا اقتصاد مستقل ؟
رغم وجود حركة إقتصادية ومناخ اقتصادي مستقر في اسكوتلندا يمنع البرلمان الاسكوتلندي من تنظيم ورقابة التجارة الدّاخلية والخارجيّة الاسكوتلندية حيث أعطي هذا الإمتياز حسب أسس "الإتحاد" البريطاني الاسكوتلندي لبريطانيا (والّذي يؤثر سياسيا، إجتماعيا مباشرة على مجموعة السّكان الأسكوتلندية). بالمقابل منح "الإتحاد" البريطاني الاسكوتلندي بعض الصلاحيات الإقتصادية الهامشية للبرلمان الاسكوتلندي بمواضيع الطّاقة، التجارة، الصّناعة وما الى ذلك.
إن المصرف الوطني الاسكوتلندي لا يتمتّع بعملة مستقلة (فقد أجبر تاريخيا على استعمال وطباعة الباوند البريطاني) ليتحول من أهم الأدوات الإقتصادية لصيانة وحفظ الإقتصاد الاسكوتلندي ومستوى المعيشة الاسكوتلندي الى وكيل واداة بيد المصرف البريطاني الهادف لحفظ الإقتصاد البريطاني والمواطنين البريطانيّين.
4. هل تمتلك الدولة القدرة على الهندسة الإجتماعية كالسيطرة على المنهاج التعليمي مثلا ؟
إن المقدرة على التّحكم بالمنهاج التعليمي والعمل الإجتماعي من صلاحيات منحت من قبل البرلمان البريطاني لنظيره (أو ابنه) الاسكوتلندي. بالمقابل، خدمات أساسية أخرى كالتأمين الإجتماعي بقيت في يد المملكة البريطانية.
5. هل تتحكم الدولة الاسكوتلندية بالمواصلات والموانئ ؟
منح البرلمان البريطاني بعض الصلاحيات كالتّحكم بشبكات الشّوارع، الموانئ والطرق للبرلمان الاسكوتلندي. مع ذلك بقيت سلطات مواصلات أساسية أخرى في حدود المناطق الاسكوتلندية كالسكك الحديدية ورقابات الأمن بيد البرلمان البريطاني.
يجوز التشديد أن من أعطى الصلاحية في البندين الأخيرين للتحكم بالمواصلات وبعض نواحي الهندسة الإجتماعية للبرلمان الاسكوتلندي هو البرلمان البريطاني، ونظرا للهيمنة البريطانية الحالية يستطيع البرلمان البريطاني إعادة هذه الصلاحيات لجعبته ما يعني أن هذه الصلاحيات بريطانيا والبرلمان الاسكوتلندي ما هو الا وكيل بحيّز من الحكم الذاتي.
6. هل للمجموعة الاسكوتلندية سيادة على أراضيها ؟
قطعا لا، فالمملكة البريطانية تتحكم بمعظم نواح الحياة الأسكوتلندية.
7. هل لاسكوتلندا إعتراف دولي ؟
ان اسكوتلندا لا تحظى باعتراف دولي من دول العالم، وهي لا تمتلك سفارات في دول مستقلّة أخرى.
سيجري في الأيام القريبة إستفتاء في اسكوتلندا حول انفصالها التام عن بريطانيا وتحولها الى دولة مستقلة. يتكون معسكر ال "نعم" والمطالب بالإستقلال من قوى قومية ويسارية. يحظى هذا المعسكر بأغلبية بسيطة (51%-52%) بحسب الإستطلاعات الموضوعيّة. إن الادعاءات الأساسية لهذا المعسكر ترتكز على مقاومة الهيمنة البريطانية التي تعمل لصالح المواطن البريطاني لا الاسكتلندي والسعي نحو الإستقلال والحرية.
يؤمن معسكر ال "نعم" بأن مصلحة المواطن الاسكوتلندي تكمن بسيطرته على السلطات التنفيذية والتشريعيه في مناطق نفوذه، واستقلاله باختيار حكوماته وقياداته بعيدا عن التدخل البريطاني بدعم مندوبيه هناك وتثبيت سيطرته.
كما ويؤمن معسكر ال "نعم" أن الإستقلال سيؤدي الى تقوية الإقتصاد الاسكوتلندي عبر التحكم بثروات النفط المتواجد في مناطق نفوذه في بحر الشمال بدلا من الهيمنة البريطانية الحالية على وارداتها.
إن الحجج الأساسية لمعسكر ال "لا" والمطالب بابقاء الهيمنة البريطانية في اسكوتلندا يرتكز أساسا كباقي المعسكرات الرّجعية عبر التاريخ على رؤوس أموال محلية مستفيدة سياسيا ومادّيا من الوجود البريطاني في أراضيها.
يحظى هذا المعسكر بدعم ليس بالقليل من الاسكوتلنديّين (48%-49%) لاستعماله الترهيب من اللاوضوح الإقتصادي الإجتماعي في حال الإستقلال عن بريطانيا مستفيدا بذلك من وعي العبد والسّيد الّذي زرعته الأجهزة البريطانيّة في عقول شريحة كبيرة من الأسكوتلنديين في عشرات سنوات سيطرتها.
إن ادعاءات هذا المعسكر تعتمد عموما على حجج غير مقنعه بادعائة مثلا أن تكلفة الدولة البريطانية أعلى من وارداتها متجاهلا بذلك أنه بعد الإستقلال ستصبح واردات إقتصادية أساسية في اسكوتلندا ملكا للاسكوتلنديية لا البريطانيين ما سيضاعف الأرباح.
رغم الإدعائات الضعيفة لهذا المعسكر، تقوم الأجهزة البريطانيّة، مخابراتها وقنواتها الإعلامية بدعمه بطرق غير مباشرة. كما وتساهم في تقوية هذا المعسكر الشّركات البريطانيّة التي تهيمن على السّوق الاسكوتلندي بالتهديد والوعيد، فقد هدّدت مؤخرا مثلا ثمانية شرك هاتفيّة بريطانية تحتكر العمل في مجالها في اسكوتلندا أنه في حال استقلالها ستقوم بسحب فعالياتها الإقتصادية من اسكوتلندا ورفع التسعيرات بشكل كبير.
ملاحظة بدون علاقة: زهقت وأنا أكتب وشكله مقلل مروه أنقح الموضوع، شدوا همتكو وفوتوا دوروا بجوجل، أو عالمواقع التالية عشان تعرفوا أكثر عن الموضوع، وأذا إنتو صحافيين ومدونين أو مفسبكين (من فيسبوك) إكتبوا عن الموضوع شوي، مهني ليل نهار دابكين يتضامنوا معنا، خلينا نتضامن معهن شوي.
http://www.independentscotland.org
http://geography.about.com/od/politicalgeography/a/scotlandnot.htm
http://www.snp.org/
http://www.snp.org/