الأحد، 14 سبتمبر 2014

لماذا أدعم الإستقلال الأسكوتلندي عن بريطانيا في الأيام القريبة ؟

بعد أربعة أيام (من اليوم الأحد 14/09/2014) سيتم التصويت على استفتاء إستقلال اسكوتلندا عن بريطانيا. نظرا لتخاذل القنوات الإعلامية التي تكاد لا تغطّي الموضوع بسبب الهيمنة الغربية على بعضها، والهيمنة القومية العربية والإسلامية العمياء على بعضها الاخر نادني الحس الأمّمي لأكتب عن الموضوع وأسلّط عليه ولو القليل من الأضواء في محيطنا العربي.

بعكس الإعتقاد السّائد فإن اسكوتلندا ليست دولة مستقلّة وهي تابعه بشكل أو اخر ولظروف تاريخيّة لهيمنة الدولة الإنجليزية. في الصّحف يسمّون يعرفّون العلاقة البريطانية السكوتلندية ب "الإتحاد" (unity) ولكن إن اتخذنا مجمل الظروف التاريخية، موازين القوى وأسس التعامل بين البلدين نقطة إرتكاز لبحثنا لتجلّى لنا بوضوح إستعمار إقتصادي، إجتماعي ثقافي على معظم فنايا الحياة في اسكوتلندا.

هناك ثمانية شروط متعارف عليها على الدولة أن تستوفيها كي تدخل حيّز الإستقلال، إن اسكوتلندا تكاد لا تستوف جميعها وذلك بالأساس نظرا للإستعمار البريطاني في أراضيها.سنعرض هنا الشّروط الثمانية باختصار.

1. هل لاسكوتلندا مساحة كافية وحدود معرّفة ؟ 
 تمتد اسكوتلندا على مساحة 78133 كيلومترا مرّبعا، وحدودها معرّفة واضحة.

2. هل تعيش هناك مجموعة سكّانية تاريخية بشكل استمراري ؟
يعيش في اسكوتلندا أكثر من خمسة ملايين من السّكان التاريخيّين.
3. هل لاسكوتلندا اقتصاد مستقل ؟
رغم وجود حركة إقتصادية ومناخ اقتصادي مستقر في اسكوتلندا يمنع البرلمان الاسكوتلندي من تنظيم ورقابة التجارة الدّاخلية والخارجيّة الاسكوتلندية حيث أعطي هذا الإمتياز حسب أسس "الإتحاد" البريطاني الاسكوتلندي لبريطانيا (والّذي يؤثر سياسيا، إجتماعيا مباشرة على مجموعة السّكان الأسكوتلندية). بالمقابل منح "الإتحاد" البريطاني الاسكوتلندي بعض الصلاحيات الإقتصادية الهامشية للبرلمان الاسكوتلندي بمواضيع الطّاقة، التجارة، الصّناعة وما الى ذلك.

إن المصرف الوطني الاسكوتلندي لا يتمتّع بعملة مستقلة (فقد أجبر تاريخيا على استعمال وطباعة الباوند البريطاني) ليتحول من أهم الأدوات الإقتصادية لصيانة وحفظ الإقتصاد الاسكوتلندي ومستوى المعيشة الاسكوتلندي الى وكيل واداة بيد المصرف البريطاني الهادف لحفظ الإقتصاد البريطاني والمواطنين البريطانيّين.

4. هل تمتلك الدولة القدرة على الهندسة الإجتماعية كالسيطرة على المنهاج التعليمي مثلا ؟
إن المقدرة على التّحكم بالمنهاج التعليمي والعمل الإجتماعي من صلاحيات منحت من قبل البرلمان البريطاني لنظيره (أو ابنه) الاسكوتلندي. بالمقابل، خدمات أساسية أخرى كالتأمين الإجتماعي بقيت في يد المملكة البريطانية.
5. هل تتحكم الدولة الاسكوتلندية بالمواصلات والموانئ ؟
 منح البرلمان البريطاني بعض الصلاحيات كالتّحكم بشبكات الشّوارع، الموانئ والطرق للبرلمان الاسكوتلندي. مع ذلك بقيت سلطات مواصلات أساسية أخرى في حدود المناطق الاسكوتلندية كالسكك الحديدية ورقابات الأمن بيد البرلمان البريطاني.

يجوز التشديد أن من أعطى الصلاحية في البندين الأخيرين للتحكم بالمواصلات وبعض نواحي الهندسة الإجتماعية للبرلمان الاسكوتلندي هو البرلمان البريطاني، ونظرا للهيمنة البريطانية الحالية يستطيع البرلمان البريطاني إعادة هذه الصلاحيات لجعبته ما يعني أن هذه الصلاحيات بريطانيا والبرلمان الاسكوتلندي ما هو الا وكيل بحيّز من الحكم الذاتي.

6. هل للمجموعة الاسكوتلندية سيادة على أراضيها ؟
قطعا لا، فالمملكة البريطانية تتحكم بمعظم نواح الحياة الأسكوتلندية.

7. هل لاسكوتلندا إعتراف دولي ؟
ان اسكوتلندا لا تحظى باعتراف دولي من دول العالم، وهي لا تمتلك سفارات في دول مستقلّة أخرى.

سيجري في الأيام القريبة إستفتاء في اسكوتلندا حول انفصالها التام عن بريطانيا وتحولها الى دولة مستقلة. يتكون معسكر ال "نعم" والمطالب بالإستقلال من قوى قومية ويسارية. يحظى هذا المعسكر بأغلبية بسيطة (51%-52%) بحسب الإستطلاعات الموضوعيّة. إن الادعاءات الأساسية لهذا المعسكر ترتكز على مقاومة الهيمنة البريطانية التي تعمل لصالح المواطن البريطاني لا الاسكتلندي والسعي نحو الإستقلال والحرية.

يؤمن معسكر ال "نعم" بأن مصلحة المواطن الاسكوتلندي تكمن بسيطرته على السلطات التنفيذية والتشريعيه في مناطق نفوذه، واستقلاله باختيار حكوماته وقياداته بعيدا عن التدخل البريطاني بدعم مندوبيه هناك وتثبيت سيطرته.

كما ويؤمن معسكر ال "نعم" أن الإستقلال سيؤدي الى تقوية الإقتصاد الاسكوتلندي عبر التحكم بثروات النفط المتواجد في مناطق نفوذه في بحر الشمال بدلا من الهيمنة البريطانية الحالية على وارداتها.

إن الحجج الأساسية لمعسكر ال "لا" والمطالب بابقاء الهيمنة البريطانية في اسكوتلندا يرتكز أساسا كباقي المعسكرات الرّجعية عبر التاريخ على رؤوس أموال محلية مستفيدة سياسيا ومادّيا من الوجود البريطاني في أراضيها. 

يحظى هذا المعسكر بدعم ليس بالقليل من الاسكوتلنديّين (48%-49%) لاستعماله الترهيب من اللاوضوح الإقتصادي الإجتماعي في حال الإستقلال عن بريطانيا مستفيدا بذلك من وعي العبد والسّيد الّذي زرعته الأجهزة البريطانيّة في عقول شريحة كبيرة من الأسكوتلنديين في عشرات سنوات سيطرتها.

إن ادعاءات هذا المعسكر تعتمد عموما على حجج غير مقنعه بادعائة مثلا أن تكلفة الدولة البريطانية أعلى من وارداتها متجاهلا بذلك أنه بعد الإستقلال ستصبح واردات إقتصادية أساسية في اسكوتلندا ملكا للاسكوتلنديية لا البريطانيين ما سيضاعف الأرباح.

رغم الإدعائات الضعيفة لهذا المعسكر، تقوم الأجهزة البريطانيّة، مخابراتها وقنواتها الإعلامية بدعمه بطرق غير مباشرة. كما وتساهم في تقوية هذا المعسكر الشّركات البريطانيّة التي تهيمن على السّوق الاسكوتلندي بالتهديد والوعيد، فقد هدّدت مؤخرا مثلا ثمانية شرك هاتفيّة بريطانية تحتكر العمل في مجالها في اسكوتلندا أنه في حال استقلالها ستقوم بسحب فعالياتها الإقتصادية من اسكوتلندا ورفع التسعيرات بشكل كبير.

ملاحظة بدون علاقة: زهقت وأنا أكتب وشكله مقلل مروه أنقح الموضوع، شدوا همتكو وفوتوا دوروا بجوجل، أو عالمواقع التالية عشان تعرفوا أكثر عن الموضوع، وأذا إنتو صحافيين ومدونين أو مفسبكين (من فيسبوك) إكتبوا عن الموضوع شوي، مهني ليل نهار دابكين يتضامنوا معنا، خلينا نتضامن معهن شوي.

http://www.independentscotland.org
http://geography.about.com/od/politicalgeography/a/scotlandnot.htm
http://www.snp.org/





Share/Bookmark

الأحد، 20 يوليو 2014

مجزرة الشجاعيّة

لن أكتب شيئا عنها. فهي أقدس من أن تختصر بالكلمات.

Share/Bookmark

الجمعة، 16 مايو 2014

عن الهامش والعام في الحركات الطّلابيّة

في إحدى محاضرات الجامعة قبل سنة أو سنتين أراد المحاضر أن يشرح لنا مبدأ الإستمرارية (Continuity)  وأهميّة الهامش (Margin)، فافتتح محاضرته بقصّة تعود الى الحرب العالميّة الثّانية عندما رفض أحد الطّيارين الإنجليز المشاركة في الغارة الجويّة الأولى على ألمانيا خوفا على حياته من الخبرة الجويّة للطّيران النّازي. توجّه الطيّار الى القائد وحاول اقناعه قائلا: "إن لم أشارك فسيكون التأثير هامشيّا للسرب الملكيّ المهاجم لأنّ طائرة واحدة فقط ستنقص من سرب عديده مئات من الطّائرات، أما بالنّسبة لي: فسأضمن حياتي"، فأجابه القائد: "لو استخدم جميع الطّيارين هذه الحجّة لكان تحوّل الهامش الى القاعدة ولم يكن أي طيار سيقلع بطائرته للدفاع عن الوطن وستكون الهزيمة من نصيبنا ونصيب الوطن". كذلك هو الأمر بالنسبة للخطّ المستقيم، رغم أنه يتكون من عدد لا نهائي من النقاط فان فقدانه لأيّة نقطة على امتداده ستفقده ميزة الإستمراريه وهي الميزة التي تجعله خطاً وبالتالي لن يعود بالامكان تعريفه على أنه خطّ مستقيم.

هذا الأسبوع قرّرت لجنة الطّاعة في جامعة حيفا أن تجمّد تعليم طالبين فلسطينّين (أحمد مصالحة من أبناء البلد وطارق ياسين من الجبهة الطّلابية) لأنهما بحسب إدعائها أصرّا على إحياء ذكرى نكبتنا رغم منع الجامعة لأيّ مظاهر للحزن الجماعي داخل حرمها. لم يكن الإحتجاج عنيفا أو مخلّا بالنّظام أو معيقا لتعليم الطّلاب الّذين لم يشاركوا في الفعالية، بل كان فعالية احتجاجية خارج بنايات الجامعة عزف خلالها بعض الطّلاب الموسيقى بينما وضع آخرون الأشرطة السوداء على أفواههم للاشارة الى سياسة كم الأفواه من قبل الجامعة. في موازاة ذلك تمّ على مدخل الجامعة اعتقال أبو أسعد محمدّ كناعنة الأمين عام السّابق لحركة أبناء البلد بينما زجّت إدارة الجامعة بقوّات من وحدات قمع الاحتجاجات والخيالة المدججين بالأسلحة التابعة للشّرطة لينتشروا في ساحات الجامعة ليتحول ما كان مفروضاً أن يكون حرماً جامعياً الى ثكنة عسكريّة تتوعّد وتهدّد طلّاب الجامعة بالضّرب المبرح أوالاعتقال.



قبل ذلك بنحو أسبوعين قامت سلطات جامعة القدس بالتضييق على فعاليات نظّمها التّجمع الطّلابي وهناك أيضا حيث دفعت بقوّات الشرطة الى داخل الحرم الجامعي ما أسفر عن إعتقال ثلاثة طلّاب (خليل غرّة، مجد حمدان وفرح بيادسة من التّجمع الطّلابي). كما تمّت محاولة في الاونة الأخيرة لتجميد عمل كتلة التّجمع في جامعة القدس لكن سلطات الجامعة تراجعت عن هذا القرار بعد شروعها بتنفيذه بعد أن تعرضت للضّغط اثر انطلاق حملات عالمية ومحليّة لمواجهته.

وحتى في جامعة تل أبيب التي كانت الأكثر تساهلا نسبة بأخواتها فيما يتعلق بهامش الحرية الممنوح للطلاب العرب لاحياء المناسبات الوطنية واقامة الفعاليات السياسية والاحتجاجية، فقد بدأت  إدارة الجامعة تدريجيّا بالتضييق على الطلاب العرب والرضوخ لمطالب اليمين الفاشي بممارسة سياسة القبضة الحديدية مع الطلاب العرب. برز هذا التغيير في سياسة الجامعة مؤخرا حين تمّ منع إحياء فعاليّة لذكرى يوم الأرض نظّمتها كتلتا الجبهة الطلابية وأبناء البلد، ولكن كما هو معلوم فانه رغم المنع تمّ تنظيم وقفة إحتجاجيّة ضدّ سياسة كم الأفواه خارج الحرم الجامعي على صيحات اليمين الصهيوني التي بقيت خافتة أمام هتافات المئات من الطلاب العرب. الذّريعة التي رددتها جامعة تل أبيب حينها  في وسائل الإعلام والشّبكات الإجتماعيّة هي أن ذلك القرار جاء نتيجة لضغط كتل العرق اليهودي اليمينيّة لإلغاء الفعالية بحجّة استضافة الفعالية لأبو أسعد محمد كناعنة أمين عام أبناء البلد سابقا والّذي اتّهم وسجن أمنيّا في المحاكم الإسرائيليّة، ولكنّ مجمل ما يحدث في الفترة الأخيرة في الجامعات الاسرائيلية قد يتكون مؤشّرا لتدخّل أجهزة الدّولة لتغيير قواعد اللعبة في التعامل مع الطلاب الفلسطينيّين في مؤسسات التعليم العالي الإسرائيلية.

كما أن مجد، خليل وفرح اعتقلوا لتلقين كل الحركات الطلابية الفلسطينّيّة درسا دون حصر الأمر بنشطاء التّجمع الطلابي فقط، فإنّ تجميد تعليم أحمد وطارق جاء هو كذلك لتلقين جميع الطلاب العرب وحركاتهم السياسية درسا مشابهاً لا يقتصر على نشطاء الجبهة وأبناء البلد فقط. لذلك فأمام هذا المشروع السلطوي الذي لا يستثني أحدا علينا أن نتوحّد خطواتنا لصدّه وصد الممارسات المجحفة بحقّ طلّابنا، والا فاننا سنخسر القضية الجامعة كي لا يضيع الهامش الذي تتواجد فيه كل حركة. من الضّروري أن نختلف فيما بيننا على ما المسائل العقائدبة: على الموقف من الحركات الأصوليّة، على الاختلافات المتعلقة بقضيتنا الأولى، القضيّة الفلسطينية، وموقفنا من دول الخليج والرّجعيّة العربيّة، فالنقاش والاختلاف ضروري - رغم حدّته أحيانا - لتطوير خطابات كافّة الجهات. ولكن لا يقل أهمية أن نعرف كيف نتّحد في مواجهة الجهاز الإسرائيلي والكتل الطّلابية اليهودية الفاشية، دون أن نترك بعضنا ليخوض كل معاركه أمام تلك الجهات وحيداً فكل معركة كهذه هي هامش ان خسرناه سنخسر القضية العامة،  وستكون الهزيمة من نصيبنا ونصيب الوطن.



Share/Bookmark

الاثنين، 28 أبريل 2014

الإنحراف عن السّياق

هناك ظاهرة لا أعلم إن طوّرها بعضٌ منّا فقط  - نحن الفلسطينيّين في احتلال 48 - أم أنّها ظاهرة سيكولوجيّة معروفة لدى جميع الشّعوب الّتي عانت من الإضطهاد. بعضنا يحبّ دائما أن يثبت للمحتل والعالم أنّه إنسان إنسانيّ (أضرب #@! إنسان إنساني، وكإنه ممكن الإنسان ما يكون إنساني). هذه الإنسانية المفرطة كثيرا ما تخرجنا عن السّياق وعن الزّمان والمكان للأحداث فنقارن مقارنات مغلوطة ونخلط الحابل بالنّابل.

اليوم، وفي تاريخ وساعة حددتهما دولة الإحتلال  دقّ ناقوس الحزن (أو كما أحبّ أن أسميه "الزّامور" - كزامور السّيارة في أزمة سير عميقة أو زامور مشجّعي منتخب البرازيل في المونديال). ناقوس قد يبدو لأولّ وهلة أنّه يرمز الى مأساة المحرقة والامها وقد يتّضح لاحقا إذا أمعنّا النّظر من عدسة المضّطهَد أنّه مدماك اخر في صراعات القوى بينه وبين المضطّهِد.

إنّ المحرقة - كما علّمونا في المنهاج الإسرائيلي والّذي فرض علينا by the way - هي جريمة بشعة ارتكبت بحق الإنسانية، وإن كانت الحقائق التّاريخية المنسوبة لتلك الفترة صحيحة (ومعظم الظّن أن غالبية تلك الحقائق صحيحة) فلا أعتقد أنّ هناك إنسان على وجه الكرة الأرضية يستطيع تجاهل الألم الجماعي الذي نتج عنها.

إذا، رغم أنّ المحرقة لم تطل العرب (بما في ذلك اليهود) الّذين عاشوا في المشرق لكنّ ألمها هو ألم حقيقي - من نوع الألم الّذي نحبّ نحن الفلسطينيّين في احتلال 48 أن نثبت للعالم وللمحتل إنسانيتنا من خلاله. هذا الألم من نوع الالام الماضية الّتي قد يفرح لتماهينا معها الطّرف الاخر أكثر من الام أخرى أكثر حساسيّة كألم التطهير العرقي في النّكبة مثلا.

يخطئ من يظنّ أنّ دوافع الدولة في دقّ الناقوس إنسانية. إنّ خطّة فرض إحياء ذكرى محرقة اليهود الأوروبيين عبر الإكراه القانوني في دولة الإحتلال  (متجاهلين بسخافة الضحايا الغجر، اصحاب الإحتياجات الخاصّة والمثليّين مّمن تاذوا منها) يقابله من طرف اخر فرض قانونيّ جنائيّ لمنع إحياء الام الفلسطينيين المتجسّده أولّا واخرا بالنّكبة. هذه المقابلة هي صيغة أخرى لمحاولات المستعمر تزوير التاريخ وتبرير أهدافه الكولونيالية الشجعه عبر حجج أخلاقيّة مشوّهه.

يقول أبراهام شالوم رئيس جهاز الشّين بيت الإسرائيلي سابقا في مقابلة أجراها معه درور مورا في كتاب "حرّاس العتبة" حول المحرقة وهو النّسخة المطولة لفيلم بذات العنوان: "يتعاملون معك هناك (أي في أوروبا في فترة المحرقة) طوال الوقت كمخلوق دنيوي. يذكّرني ذلك بما يحصل هنا.
إنه ليس مطابقا ولكنّه شبيها. يتعاملون مع العرب كمواطني درجةٍ ثانيةٍ. أن تكون عربيّا هنا يختلف عن أن تكون كاثوليكيّا في إنجلترا مثلا، والذين يعتبرون أقلية كذلك. إن كانت لدي قدرة الإختيار على أن أكون يهوديّا هنا أو عربيّا، لكنت فضّلت ألّا أكون عربيّا".

إذا بالرغم من أنّ اسقاطات وألم النكّبة يشبهان الى حدّ كبير نظيريهما في المحرقة بحدّ تعبير أبراهام شالوم الّذي يمثّل أكثر أذرع المؤسّسات السلطوية وحشيّة إلّا أنّ المؤّسسة الإسرائيلية تتجاهل الألم الأوّل وتشجّع الاخر وكأنّ الام الإنسانية يمكن أن تقسّم لالام أخلاقيّة وأخرى غير شرعيّة. كما أنّ تفضيل ألم اليهودي الأوروبي على الام عالميّة أخرى (الام مجزرة الأتراك بالأرمن مثلا) إنّما يكرّس فكرة يهودية الدّولة الّتي تلغي وتنقض وجودي وتاريخي الفلسطيني في فلسطين التّاريخيّة.

إنّ الوقوف على ناقوس الحزن هو خضوع لهيمنة الإحتلال عبر إلزامه قاطنيه ومحتلّيه (من هم تحت الإحتلال)  باحياء ألم من اختياره، وفي زمان، مكان ومدّة هو اختارهما كذلك. هذه الهيمنة تخرج الالم من حيّز الانسانية وتدخله مساحة صراعات القوى بين المضطهِد والمضطهَد - فيتحول التماهي من قضية انسانية الى قضية غير اخلاقيّه تكرّس علاقات القوى وتكرّس استعباد السّيد للعبد.

والان، سيّداتي وانساتي سادتي،
نترككم مع فيديو ساخر ردّا على  فكرة الإكراه القانوني للوقوف على الزّامور






Share/Bookmark

الأحد، 13 أبريل 2014

#الحرية_لمجد

نحن الفلسطينيون الواقعون في مناطق احتلال 48 نحبّ أن نلوم الإحتلال في كلّ شيء. حياتنا معقّدة وتفيض بالمفارقات - حتّى اسمنا يحتاج لستّة كلمات معقّدة للفظه. وأنا ولأنني أنتمي الى هذه المجموعة المشبعه بالتعقيدات أحبّ أن ألوم الإحتلال. لم يبقِ الإحتلال للّغة العربية في منهاجنا المدرسيّ سوى بضع أساتذة كبار في السّن بعضهم توفيّ والبعض الاخر تقاعد، وقد تسنّى لي أن أتعلم مع "الأستاذ يوسف"، وهو واحد من ذلك الجيل الّذي اختار التعليم لحبّه للعربيّة بعكس الأساتذة الحداثيّين\الحديثين الّذين يختارون العربية لقلّة الاحتمالات عندما تكون علاماتك في القاع.
كان يحبّ "الأستاذ يوسف" أن يستطرد في الحديث وكان كثيرا ما يترك موضوع الدّرس وينتقل الى ذكريات شبابه. خبرّنا عن الحبّ قائلا يوما: "الحبّ في جيلكم يا أبنائي بات سهلا، ولذا فهو يموت ببطئ يوما بعد يوم. عندما كنت شابّا، كان الحبّ صعبا وقد كنّا نحبّ سرّا، أمّا في جيلكم فصار الحبّ علنيّا أمام الجميع: في أروقة المدرسة ومحطّات الباص".
نحن نحبّ بيروت سرّا، نحبّها حبّا صعبا، حبّا جميلا. في كلّ مناسبة نحبّ بيروت من جديد. نحبّها في أغاني فيروز وخالد الهبر. نحبّها في خطابات السّيد وبرامج التلفاز. نحبّها لطائفيتّها ولكثرة أقنعتها.
وفي أعماق الليل، نستلقي، نجرّد الحبّ من برائته كما يفعل العاشقون، ونعرّي بيروت من ملابسها قطعة قطعة - نتخيّل الفقر، نتخيّل ناطحات السّحاب الحريريّة الّتي تهجّر فقيرا اخر مع كلّ شبّاك زجاجيّ جديد يبنى، نتخيّل كيف تتحول معاكسة بسيطة الى حرب البسوس لأنّ الشّاب، أو الشّابه ولدت للدين الخطأ أو في الحارة الخطأ.
يحبّ مجد أن يكتب، وهو بارع جدّا في الكتابة. بات مجد مؤخرّا يكتب في مدوّنته الألغاز - ربّما رسائل مشفّرة بالإستعارات والذكريات لشخصيّة سيفهمها هما الإثنين فقط - أو هي كثرة الإستعارات الّتي يشرح بها الكاتب عدميّة الحياة أحيانا. يحبّ مجد المظاهرات، يحبّ تحديدا أن يهتف شعارات كان ترعرع عليها عندما كانوا يأخذونه للمظاهرات في صغره. يحبّ أصدقائه ونقاشاته معهم اخر الّيل في حانات حيفا.
أحبّ مجد بيروت سرّا كما أحببناها جميعا. أحبّ مجد بيروت حبّا صعبا، كما أحببناها جميعا. أحبّ مجد بيروت حبّا جميلا بريئا قذرا - كما أحببناها جميعا. ولأنّ مجد أحبّ بيروت قرّر الإحتلال أن يعاقبه كما عاقب "الأستاذ يوسف" فجعل جيلا كاملا لا يفرّق بين المجرور والمنصوب.
صراحة، لا أعلم الى أين ستأخذني الكتابة. لا أعلم كيف أنهي التدوينة. هل أنهيها ككلّ قصص الحبّ السّري التراجيديّة أم أنهيها بالأمل الذي يخفق بأعماقي بثقة ويقول: بعد مجد هناك ألف مجد سيزور بيروت.

إسّا المهم: قضيّة مجد هي قضيّتنا - أولا لإنه مجد منّا وفينا وصديقنا ورفيقنا. ثانيا لإنه مجد سجن عشانّا عشان الإحتلال قرر يعلمنا إحنا الدرس بمجد. ثالثا، لإنه كس إم الإحتلال.

صورة لمجد مع أسد وسلام ومحبة وهيك. (هاي رسالة
لالك مجد بعد م تطلع هاها) :) ترجع سالم مجد.

Share/Bookmark

الأحد، 30 مارس 2014

تحليل مش على الهامش

منذ وقبل تأسيس إسرائيل اجتهدت المؤسّسة الصهيونية لأن توفّر - ونظرا للتطور الديموغرافي المصطنع السّريع للأستطيان في فلسطين - ما يحتاجه هذا الكيان من موارد ضرورية لاستمراره. إنعكس ذلك بمحاولاتها الدبلوماسيّة لتغيير الحدود التي رسمتها إتفاقية سايكس-بيكو لتشمل مصادر المياه شمال فلسطين وجنوب سوريا ولبنان (الليطاني، الحاصباني، اليرموك وجبل الشّيخ). 

فشلت المحاولات الدّبلوماسيّة قبل قيام دولة الإحتلال لتغيير الخارطة وجاء ذلك بالأساس بسبب الصّراع الداخلي لقوى الإستعمار حيث رفضت فرنسا التنازل عن المناطق الّتي كانت تحت سيطرتها. أدركت المؤسّسة الصهيونيّة القيمة الإستراتيجية لهذه الموارد وصرّحت بأكثر من مناسبة بأنّ توطين المهاجرين اليهود في فلسطين مصيره الفشل إن لم يعتمد على الإنتاج الصّناعي - والإنتاج الصّناعي مصيره الفشل إن لم تتمّ السيطرة على موارد المياه.

في العقود الأخيرة ونظرا لميازين القوى التي سادت في الشّرق الأوسط وقواعد لعبة غربيّة وضعت على الطّاولة والتزم بها أطراف الصّراع في الحدود استطاعت إسرائيل أن تستغلّ بعض هذه الموارد بموافقة غير ماشرة لجيرانها في الشّمال.

تدرك إسرائيل اليوم أنّ تغيير قواعد اللعبة - خصوصا ومع تحرير الجنوب اللبناني والتّدخل المباشر لإسرائيل في الحرب على سوريا - من شأنه أن يغيّر القواعد ويحدّد تدفّق المياه الى إسرائيل (وهو سلاح أكثر ثقلا من المقاومة العسكرية المباشرة) ما قد يشلّ حركتها الإقتصادية ويضرب الحصانة\المناعة الإقتصادية الّتي تستمرّ إسرائيل بالتّباهي بها.

لذا، ونظرا للتصريحات الدائمة لإسرائيل بأنّ أهمية الموارد الإستراتيجية وأهمّها الماء هي برأس سلّم أولوياتها في سياستها الخارجيّة، ونظرا لبنية الحكم الإسرائيلي الذي يسيطر عليه أصحاب الشركات والمصانع التي ستضرب إن تغيّر تقسيم موارد المياه فلا يستبعد أن تتدخّل إسرائيل عسكريا في الأزمة السّورية في حال استمرت انتصارات الجيش السّوري لتستبق تغييرا محتملا في قواعد اللعبة قبل استعادة بناء الجيش السّوري.

Share/Bookmark