في الأمس زرت يافا، وعشقت يافا، وعرفت سبب اختلاف الكتّاب والمؤرخين حول وصف يافا: لأنها يافا. وقد حدّثتني الكثير يافا، حدّثتني أن الشّيخ مونّس ليس اسم حارة يستعملها ذلك الطالب الفلسطيني أو ذاك للرد على صهيوني يدّعي أنه صاحب البلاد في جامعة تل أبيب، بل هي أكثر من ذلك، هي ذلك الحقد و الغرور الذي يعتري جسد نديمي في التّدخين، هي ذلك التاريخ الخالد والتاريخ المنسيى من قصص حبّ، وتعاركات بالأيدي وزنى بالخفية..
عرفت الان فيما يفكّر نديمي في التّدخين الذي قررت من الان أن أسميه بوريس، عرفت أنه يفكر في صخرة أخرى في مولدوفا أو أوكرانيا - ربما تعلو قممها بعض فساتين الثّلج - وأنه يفكّر بأن هذه البنيان ليست له، وأن تحت هذه العمارات الشاهقة جثث ترفض أن تموت.
عرفت بأن بوريس من يغار مني لا العكس، لأنني صاحب هذه الأرض، ولأني أعرف أن لجدي ذكريات هنا في مكان ما ورثتها برباط يفوق الحمض النووي دقّة ويقينا. وأنه عندما ينظر الى الأمام، الى العمارات الشاهقة وينفض بدخان السيجارة، لا يتذكّر شيئا من تراب هذه البلاد، ولا يتذكّره التراب..
الموضوع السابق في السلسة :