الأربعاء، 1 يونيو 2011

كيف شرّعت اقرأ الطائفية ؟

ما الذي غيّر الموازين

كشفت كوادر حركة إقرأ الستار مؤخّرا عن الأيدولوجيا الطّائفية الرّافضة لكل من هو مختلف - أو ما يسمّى بكلمات أخرى عنصريّة - عندما قاموا بنفي قيم الحضارة العربية الإسلامية وحرّفوا الأخلاق والوطنيّة ليجعلوها حكرا عليهم.

أعترف أن أملي خاب من تصريحاتهم الأخيرة، التي تلاقي إجماعا وتأييدا من قبل كوادرهم وطلّابهم الذين لم أتوقع – لسذاجتي طبعا – أن يدعموا الطائفيّة\العنصريّة بمفهومها الدارج.

وفي موضوع أخلاقيّات مجتمعنا، أعترف أن تصريحاتهم الأخيرة أثارت البلبلة في ذهني، حيث لم أتوقّع من حزب يرفع راية الأخلاق التّصرف بما يتناقض مع الأخلاق والقيم الأساسية في مجتمعنا التي تنادي بنبذ الطّائفية والتّفرقة على أسس دينيّة\طائفيّة.

سأحاول أن أسرد ما توصّلت اليه بطريقة موضوعية\علميّة لا تتّخذ مصدرا دينيّا متحيّزا مزدوج التّفسير مستعينا ببعض القيم والأخلاق المجمع عليها في وطننا (نعم، ما زلت أؤمن بأننا أبناء الوطن الواحد).

المفهوم العام للعنصريّة:

العنصرية (أو التمييز العرقي) (بالإنجليزية: Racism‏) هو الإعتقاد بأن هناك فروق وعناصر موروثة بطبائع الناس و/أو قدراتهم وعزوها لإنتمائم لجماعة أو لعرق ما - بغض النظر عن كيفية تعريف مفهوم العرق - وبالتالي تبرير معاملة الأفراد المنتمين لهذه الجماعة بشكل مختلف إجتماعيا وقانونيا. كما يستخدم المصطلح للإشارة إلى الممارسات التي يتم من خلالها معاملة مجموعة معينة من البشر بشكل مختلف ويتم تبيرير هذا التمييز بالمعاملة باللجوء التعميمات المبنية على الصور النمطية وباللجوء إلى تلفيقات علمية. - ويكيبيديا

الطائفيّة هي إحدى أنواع العنصريّة، تحمل معها معنى سلبيّا، تضرّ المجتمع لأنها تفرّق المجتمع على أساس مجموعاتيّ ما يصبّ في مصلحة نقيض المجتمع بالأساس (في حالتنا المؤسسة الصهيونيّة) حيث يمكّنه من محاربة كل جزء من المجموعة الواحدة على انفراد، ويجعل أبناء المجموعة الواحدة يحاربونه أولا دون تنسيق، وثانيا يجعل من طاقاتهم مبعثرة منقسمة ما بين الصراع الداخلي والخارجي.

يجوز التنويه الى الفرق بين التعددية وهي الصراع الشرعي بين أطياف المجموعة الواحدة، المبنيّة على أسس تقبّل الغير وتطوير الذّات من خلال نقد الآخر والعنصريّة التي ترفض الآخر حسب التّعريف أعلاه.

الحضارة العربية-الإسلاميّة:

هناك اعتقاد مغلوط تتبنّاه حركة اقرأ ينسب حضارتنا العربية الإسلاميّة ويجعلها حكرا على جمهورهم، ولكن إن أمعنّا النظر لوجدنا أن الكثير من العلماء من غير المسلمين أبناء هذه الحضارة ساهموا في تطويرها. فهذه الحضارة لم تكن يوما للإسلام فقط، بل كانت ملكا لجميع العرب الذين ترعرعوا في ظلّها في العصر الإسلامي.

إن مسألة الأخلاق هي جزء ديناميكي لا يتجزأ من سيرورة هذه الحضارة، قيم اكتسبتها الحضارة من حضارات وثقافات سبقتها، وطوّرتها في عصرها لما يتناسب مع عنصر الزّمان\مكان. كالأخلاقيات الثورية حينها في موضوعي سبي البنات والرّق.

يجوز التّنويه أن الأخلاق العربية-الإسلامية مثلها مثل أي عنصر اخر في هذه الحضارة، لا تنطبق على المسلمين فقط، بل تضم غير المسلمين، وإذا أمعنّا النظر بالمسيحيّين العرب كمثال لوجدناهم أقرب أخلاقيا الى الحضارة العربية الإسلامية من الحضارة الغربيّة.

الأخلاق:

الأخلاق هي شكل من أشكال الوعي الإنساني كما تعتبر مجموعة من القيم والمبادئ تحرك الأشخاص والشعوب كالعدل والحرية والمساواة بحيث ترتقي إلى درجة أن تصبح مرجعية ثقافية لتلك الشعوب لتكون سنداً قانونياً تستقي منه الدول الأنظمة والقوانين.[1] وهي السجايا والطباع والأحوال الباطنة التي تُدرك بالبصيرة والغريزة، وبالعكس يمكن اعتبار الخلق الحسن من أعمال القلوب وصفاته. وأعمال القلوب تختص بعمل القلب بينما الخلق يكون قلبياً ويكون في الظاهر. ويكيبيديا

في بحث فلسفة الأخلاق يسود الإدعاء بأن الأخلاق تختلف من حضارة الى أخرى، وتتطور بحسب خصوصيّة الزّمان والمكان الخّاصة بها. مثلا، أخلاقيات القتل تختلف في ثقافات المقاومة عن سويسرا مثلا حيث يتم تشريع القتل في الأولى لهدف أسمى وهو الاستشهاد في سبيل الوطن.

هذه الأخلاق ليست ثابتة ومطلقة، بل هي متغيّرة بحسب عنصر الزّمان والمكان كذلك وهي قابلة للتغيير، فمفهوم الأخلاق لحضارتنا العربية-إسلامية لم يبق ثابتا على مرّ السنين بل مرّ بسلسلة من التغييرات.

الرّجعية

الرجعية (بالإنجليزية: Reactionism‏) مصطلح سياسي يقصد منه معارضة الإصلاحات الحديثة، والتمسك بالأسس والأساليب والمبادئ القديمة، في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، التي أصبحت بالية، ولا تحقق الأهداف القومية، وهى عكس الليبرالية في النظام السياسى وعكس التنوير كثقافة. ويكيبيديا

اذا حاولنا ربط الرّجعية بالأخلاق، فالرّجعية هي معارضة الإصلاحات الحديثة التلقائية الملائمة للزمان والمكان لمجتمع معيّن ورفضها رفضا تامّا.

وفي الحركة الطّلابيّة:

إن رفض حركة اقرأ تقبّل بعض الأخلاقيات الجديدة الناتجة عن نهج استمراري لتطوّر مجتمعنا (كالاختلاط بين الجنسين، الحفلات الرّاقصة،تقبّل التشكيك وبحث وجود الله وتقبّل المثليين أي وباختصار تقبّل حرية الفرد الشّخصيّة) إن دلّ على شيء فهو يدل على الرجعية بالمفهوم العلمي الذي طرح أعلاه.

أما بالنسبة لتقديس المجموعة والإدعاء بأن جمهور إقرأ أسمى من غيره من المسلمين أو غير المسلمين (إن كان الهدف كسب بعض الأصوات الطائفية أو تحليل منحاز يفتقر الى الموضوعيّة) فينطبق على تعريف العنصريّة بالتمييز ضد الآخر على أساس ديني\طائفي حيث تمّ تبرير العنف والتهديدات التي تلقّاها بعض الطلاب من قبلهم باللجوء الى التعميمات المبنيّة على صور نمطيّة وتلفيقات بعيدة كل البعد عن الموضوعيّة والعلميّة.

وقد أكّدت الحركة ذلك مؤخّرا عندما أطلقت عدّة بيانات منها ما نسب الوطنيّة الى المسلمين فقط من جمهور إقرأ من جهة وندوات أخرى بالجامعات حول "الثّورة على العلمانيّة" خوّنت بهم كل من ينادي بفصل الدين عن السياسة رافضة تقبّل الاخر بأبشع الطّرق.

أخيرا

أتمنى وأنا أكتب هذه الكلمات أن أكون على خطأ، فلا وقت للطائفيّة في أيامنا هذه عندما يصارع شعبنا للبقاء، الصّمود والتّحدي ضدّ المؤسّسة الصهيونية. أتمنى أن تصدر حركة اقرأ بيانا يستنكر الطائفية ويدعو الى الوحدة لأن تشريع الطّائفية بالحجج السخيفة التي يستعملونها ما هو الا المسمار الأخير الذي سيدقّ في نعش شعبنا وقضيّتنا – لكنّ وللأسف تصريحات اقرأ الأخيرة، وتعاملها مع باق الأحزاب يثبت العكس.


Share/Bookmark

هناك تعليقان (2):

  1. غير معرف3/6/11 10:42 ص

    أيها الكاتب العزيز؛
    مع شكري لمجهودك في التحليل العلمي والمنطقي لظاهرة الطائفية والتطرف في السياق الإقرأي والسياق العام، إلا أنني أرى أنه فاتك الانتباه حين ناقشت قضية ديناميكية الأخلاق، بأن الإسلام يصرح وبوضوح إلى كون الأخلاقيات الإسلامية الواردة في القرآن والسنة هي أخلاقيات أبدية غير قابلة للتغير بتغير الزمان والمكان، أما إذا كان التاريخ الإسلامي يشهد على وجود تغير وتبدل ديناميكي للأخلاق بموجب الزمان والمكان، فهذا يعتبر -شرعيًا- حرامًا ومخالفة (وعلى هذا الأساس لا يمكن الاستدلال مثلاً من شرب الخلفاء للخمر بأن الإسلام شرع الخمر وقتئذٍ).
    ببساطة يجب إحداث قطيعة بين الدين والدولة وبين الدين والثقافة والمجتمع، وإلا لن نخرج من هذه الدائرة المفرغة. فالكلام عن إصلاح من داخل الإسلام والإدعاء بأن الإسلام غير متطرف وغير رجعي، هو كلام يجعلنا نراوح مكاننا.

    ردحذف
  2. غير معرف3/6/11 7:56 م

    عدة نقاط :
    1.
    "أما بالنسبة لتقديس المجموعة والإدعاء بأن جمهور إقرأ أسمى من غيره من المسلمين أو غير المسلمين (إن كان الهدف كسب بعض الأصوات الطائفية أو تحليل منحاز يفتقر الى الموضوعيّة) فينطبق على تعريف العنصريّة بالتمييز ضد الآخر على أساس ديني\طائفي حيث تمّ تبرير العنف والتهديدات التي تلقّاها بعض الطلاب من قبلهم باللجوء الى التعميمات المبنيّة على صور نمطيّة وتلفيقات بعيدة كل البعد عن الموضوعيّة والعلميّة."

    من اين استنبطت هذه الفكرة يا رجل؟؟

    2.
    "وقد أكّدت الحركة ذلك مؤخّرا عندما أطلقت عدّة بيانات منها ما نسب الوطنيّة الى المسلمين فقط من جمهور إقرأ"
    بالمقال الذي نُشر لم تُنسب الوطنية لاقرا او للمسلمين انما شرح لماذا تتناقض فكرة الوطنية مع الاسلام!

    3.
    "ندوات أخرى بالجامعات حول "الثّورة على العلمانيّة" خوّنت بهم كل من ينادي بفصل الدين عن السياسة رافضة تقبّل الاخر بأبشع الطّرق."
    ان كانت قد بيّنت ضلال الفكر فهذا لا يعني انها قد خوّنت المتبعين لا .. بل انما اشارت الى ضلالهم بالحجة وسألتهم الرد !

    4.
    ان يشرح طرف ما مواقفه ويستند الى معتقده بالشرح هو امر يخلو من الطائفية والتفرقة .. المشكلة هي رفضكم انت "العلمانيين" تقبل الطرف الاخر، ومطالبته لكم بتقبلكم !!

    5.
    انصحك بدراسة الاسلام والحضارة الاسلامية بشكل موضوعي اكثر !!

    ردحذف